يُحدد اوتو إيزفلدت أربع قواعد رئيسية للفرضية الوثائقية:
(1) التغيّر في الأسماء الإلهية.
(2) الاستخدام اللغوي: (أ) الأشخاص، الأماكن، الأشياء تُلَّقب بأسماء مختلف
(ب) الكلمات، التعبيرات، الأساليب الفريدة يُقال إنها تختلف بإختلاف الوثائق المختلفة.
(3) تنوُّع الأفكار: الدينية، الأخلاقية، القانونية، السياسية، أيضاً الاختلافات في الأحوال والأحداث المعاصرة التي يفترضونها.
(4) الظاهرة الأدبية: الروايات المزدوجة، مقاطعة واعتراض رواية متواصلة بواسطة قصة غريبة غير مرتبطة بالموضوع، وهكذا.(Eissfeldt, OTI, 182- 88)
1(أ) مقدمة
يتكرر اسم «إلوهيم» ثلاث وثلاثون مرة في أول أربع وثلاثين آية في سفر التكوين. الاسم «يهوه إلوهيم» يتكرر عشرون مرة في الستة وأربعين آية التالية، واسم «يهوه» يظهر عشر مرات في خمس وعشرين آية التي تعقب الآيات السابقة. ويبدو أن مثل هذا الاستخدام الانتقائي للأسماء الإلهية لم يحدث مصادفة بشكل عرضي. (Allis, FBM, 23)
2(أ) الافتراض الوثائقي
يعتقد النقَّاد أن الاستخدام المنعزل عن بعضه للأسماء الإلهية المختلفة (مثل يهوه وإلوهيم) تبين أن هناك أكثر من مؤلف أو كاتب: وهذا هو الذي قاد استروك لاستنتاج أن المصادر المختلفة تختلط وتتشابك في أسفار موسى الخمسة.
لاحظ ما يقوله استروك:
في النص العبراني من سفر التكوين، يظهر الله بوضوح باسمين مختلفين. الأول هو إلوهيم، لأنه، بينما هذا الاسم له معاني أخرى في اللغة العبرية، فإنه استُخدم خصيصاً للكائن الأسمى وهو الله. الاسم الآخر هو يهوه وهو الاسم العظيم لله الذي يُعبِّر عن جوهره. والآن ربما يفترض شخص ما أن الاسمين استُخدما بعدم تمييز كمصطلحين مترادفين، لمجرد إعطاء اختلاف في الأسلوب. على أي حال، فإن هذا خطأ فإن الأسماء لم تمتزج أو تختلط مطلقاً. هناك أصحاحات بأكملها، أو أجزاء كبيرة من أصحاحات فيها يكون الله دائماً إلوهيم وأصحاحات أخرى على الأقل متماثلة في العدد فيها سُمي يهوه دائماً. لو كان موسى هو كاتب سفر التكـوين، فإننا سوف ننسب هذا الاختلاف الغريب له. ولكن هل نستطيع أن نتخيل مثل هذا الإهمال في كتابة سفر صغير مثل سفر التكوين؟ هل سوف نُلصق لموسى خطأً لم يرتكبه أي كاتب آخر؟ أليس من الطبيعي أن نشرح هذا الاختلاف بافتراض أن سفر التكوين صدر من ذاكرة رجُلين أو ثلاثة أعطـوا أسمـاء مختلفة لله، واحد استخدم إلوهيم والآخر استخـدم يهـوه أو يهوه إلوهيم. (ERE, 315)
بينما ادَّعى الناس دائماً أن هذا المعيار لم يعد يُستخدم بواسطة النقَّاد، فإن العبارات التالية التي كتبها بنتزن تبين مدى أهمية هذا المعيار حتى الآن في نظر النقد الحديث:
إذا كان عليـنا أن نُمـيِّز بـين التقاليد يجـب عليـنا أن نبحث فيها عن الأشياء الثابتة أو غير المتغيرة. أول شيء ثابت الذي لاحظناه كانـت التغييرات الغريبة في استخدام الأسماء الإلهية. فتغيـير استخـدام الأسماء الإلهيـة هـو أكبر من قواعد اللغة «الثابتة». إننا نعرف أن استخـدامهـا على الأقـل في سفر التكـوين، وفـي بدايـة سفر الخروج تتبـع خطـة محددة... تبعـاً لذلك فـي الأجـزاء الموجودة في تكوين 1 إلـى خروج 6 يجـب أن نكون مـؤهلـين لاستخدام معيار الأسماء الإلهية لكي نمـيز بـين مختلف التقاليد. (Bentzen, IOT vol II, 27- 28)
3(أ) الإجابة الأساسية
1(ب) الاستخدامات المحددة لمختلف الأسماء الإلهية
كل اسم إلهي يحمل دلالة خاصة، وهذه الأسماء ليس من الضروري أن تكون مترادفة. فالكاتب استخدم إلوهيم أو يهوه أو يهوه إلوهيم بحسب سياق الفقرة في النص. لهذا السبب هناك غرض حقيقي وراء الاستخدام المتفرد للأسماء الإلهية، فالأمر ليس اختياراً عشوائياً.
في القرن الثاني عشر كتب جهودا هالفي كتاباً اسمه «كوسـري» شـرح فيه دراسة الأصل لكل واحد من الأسماء الإلهيـة وتاريخـه. ولقد تم إعداد صياغة جديدة لاستنتاجـاته بواسـطة هنجـشتنبرج أستاذ علم اللاهوت في جامعــة برلــين أثــناء منتصـف القرن التاسع عشر.
(إلوهيم) : هو الاسم الشائع لله، وهو يشير إلى الله فقط في كمال قوته بدون الإشارة إلى شخصيته أو صفاته الأخلاقية، وكذلك ليس هناك ذكر لأي نفع أو عون هو يمنحه، أو للاحتياجات التي يسددها. بالإضافة إلى هذا الوصف، الذي فيه شهد الله عن نفسه، اسم آخر يُضاف لإلوهيم وهذا الاسم هو يهوه، وهو خاص بالأفراد الذين يتلقون رؤيته وعهده... اسـم يهوه يعـد اسماً غامضاً لمن ليست لهم دراية بتطور الـماهية الإلهية التي تُعلَن بواسطتها، بينما إلوهيم يُميَّزه كالـله في النواحي المعروفة لكل الناس والتي هي مفهـومة عالـمـياً...
إن اسم يهوه هو الاسم المميز لله لكي نعرف أنه قوي، وأنه يظهر على أنه إله شخصي لكل الناس. (Hengstenberg, DGP, 216-17)
ويقول أومبرتو كاستيو الباحث اليهودي والأستاذ بالجامعة العبرية:
أولاً فكِّر في صفات الاسمين. إنهما ليسا من نفس النمط. إن اسم إلوهيم أساساً هو اسم شائع، وعام، لدرجة أنه يُستعمل للإله الواحد لإسرائيل وللآلهة الوثنيين (وهكذا أيضاً اسم إيل). من الناحية الأخرى فإن اسم يهوه هو اسم علم، الاسم الخاص بإله إسرائيل، الله الذي عرفه الإسرائيليون كملك الكون الذي اختارهم ليكونوا شعبه. وعندما أدرك أسلاف الشعب اليهودي أنه لا يوجد سوى إله واحد يهوه وهو إلوهيم (1مل 18: 39)، ولهذا فإن الاسم الشائع إلوهيم أصبح اسم علم، وأصبح مرادفاً لاسم يهوه. فمثلاً إذا كانت أورشليم هي المدينة الوحيدة في العالم التي يعرفها الذين يتكلمون اللغة العبرية، حينئذ بالطبع تكون كلمة مدينة قد أصبحت اسم علم مرادفة لأورشليم. (Cassuto, DH, 18)
ويضع كاسيتو القواعد التالية كشرح لاستخدام الأسماء الإلهية.
في بعض الأحيان يحدث بالطبع أن قاعدتين متضادتين يُستعملان معاً ويتصارعان مع بعضهما البعض، حينئذ كما يتطلب المنطق، فإن القاعدة التي تكون أكثر أهمية للمعنى الأساسي لسياق الفقرة هي التي تسود. (Cassuto, DH, 30- 41)
وتُطبق هذه القواعد على نماذج معينة من الكتابات بطرق مختلفة:
الكتابات النبوية: استخدم أنبياء العهد القديم باستمرار الاسم الإلهي يهوه بدلاً من إلوهيم. ويشذ يونان عن هذه القاعدة، مستخدماً لقب إلوهيم لإله إسرائيل في عدد من المرات. ولكن هذا الاستثناء يُبرهن على القاعدة، لأن يونان في الحقيقة ينتمي للأدب القصصي بسبب وجهة نظر هذه القصة. يمثل إشعياء استثناء آخر، فإنه بدلاً من استخدام إلوهيم بدلاً من يهوه فإنه استخدم إيل وهو اسم لله كان شائعاً في الأصل. (Cassuto, DH, 20)
الكتابات القانونية: يهوه هو الاسم الشخصي الوحيد لله، استُخدم في كل الكتابات القانونية في أسفار موسى الخمسة إلى حزقيال. (Cassuto, DH, 20)
الكتابات الشعرية: إن الكتابات المصنفة على أنها أدب شعري عادة تستخدم اسم يهوه. بعض القصائد التي تنتمي لأدب الحكمة أو التي تأثرت بهذا الأدب تشكل استثناءً. في السفر الثاني والثالث التي تعرف باسم الأسفار الإلوهيمة، فإن استخدام إيل أو إلوهيم تكون الغالبية. (Cassuto, DH, 21)
كتابات الحكمة: أدب الحكمة يكون فريداً في أنه أسلوب أدب عالمي. وربما تكتشف كتابات مشابهة في كل أنحاء الشرق القديم. إن البحث عن أدب مماثل في كتب جيران إسرائيل لابد أنه يبرهن على أنه مفيد تماماً.
ولكن عندما يبدأ الإنسان في دراسة هذه الأسفار فإننا سوف نُذهل من ظاهرة مُحيِّرة. إن كتب الحكمة في الشرق القديم، بصرف النظر عن الشعب الذي تنبعث منه، أو اللغة التي كُتبت بها دائماً تشير إلى الله كاسم عام ولا تُشير إليه كاسم من أسماء الألوهية. (Cassuto, DH, 21)
الكتابات القصصية: الأدب القصصي أو الكتابات الروائية، كما هو موجود في كل أسفار موسى الخمسة، وفي الأنبياء المبكرين، وأيوب، ويونان، وآخرين يستخدم دائماً كلاً من يهوه وإلوهيم في تقارب شديد. (Cassuto, DH, 21)
الفقرات ذات السمة اليهودية: يقرر امبرتو كاسيتو عندما كان يشرح استخدام اسم يهوه أنه، «في تلك الفقرات التي لها صفة إسرائيلية محضة، يكون موجوداً (يهوه) فقط، وهذا لكونه الاسم القومي لله، مُعبَّراً عن الارتباط الشخصي لله بإسرائيل». (Cassuto, DH, 23)
اللغة العبرانية القديمة: إن الحروف الأبجدية العبرانية القديمة التي وُجدت في لاخيش تصوِّر استخدام اسم يهوه في الحياة اليومية. إنه يُستخدم ليس فقط عند تقديم التحيات وفي الحلف، ولكن في الكتابة عموماً لا يظهر اسم إلوهيم مطلقاً. ونرى في التحيات الموجودة في الكتاب المقدس أن اسم يهوه هو الذي يُستخدم (قض 6: 12، مز 129: 8، راعوث 2: 4). (Cassuto, DH, 24)
اللغة العبرية الحديثة، يقول كاسيتو: «حتى في اللغة العبرية الحديثة، فإننا نستخدم (يهوه) عندما يكون لدينا في أذهاننا الفكرة اليهودية التقليدية عن الله، واسم إلوهيم عندما نرغب أن نُعبِّر عن الرأي الفلسفي أو العالمي عن الله» (Cassuto, DH, 30)
وفيما يلي في السطور التالية استخدام هذه القواعد في سفر التكوين: في الأصحاح الأول من سفر التكوين يظهر الله كخالق العالم المادي وكسيد ورب العالم الذي له السلطان على كل شيء. فإن كل شيء موجود، وُجد بسبب أمره كصاحب السلطان: (ليكن)، بدون أي اتصال أو تلامس بينه وبين الطبيعة. هكذا فإن القاعدة المطبقة هنا أن اسم إلوهيم يجب أن يُستخدم.(Cassuto, DH, 32)
في قصة جنة عدن نجد الله كحاكم له التعاليم الأخلاقية لأنه يفرض قواعد معينة على الإنسان. أيضاً يظهر الجانب الشخصي لله عندما يُقيم علاقة مباشرة مع الإنسان. هنا يناسب اسم يهوه بسهولة كما هو متوقع. في المكان الوحيد الذي استُخدم فيه اسم إلوهيم عندما تكلمت الحية وعندما كانت المرأة تتكلم مع الحية. لقد تجنبوا ذكر اسم يهوه من منطلق التوقير لإله إسرائيل. (Cassuto, DH, 33)
في نفس الفقرة نجد اسم يهوه مرتبطاً بإلوهيم لأن الكتاب المقدس يرغب الآن أن يعتبر الاسمين أنهما اسماً واحداً إلوهيم مع يهوه: «بكلمات أخرى، إن إله العالم الأخلاقي لا يكون سوى إله العالم المادي، وأن إله إسرائيل هو إله الكون كله، فاسم يهوه وإلوهيم يشيران فقط إلي مظهرين مختلفين من فاعليته أو إلى طريقين مختلفين فيهما يكشف عن نفسه لبني الإنسان». (Cassuto, DH, 33)
وهذا يشرح الاستخدام المزدوج. وفي الأصحاحات التالية فإن هذين الاسمين استُخدما على انفراد بحسب النصّ.
ويشرح كاسيتو:
في قصة بلبلة الألسنة (تك 11: 1- 9) يظهر اسم يهوه والسبب واضح: في هذه القصة كان مكان حدوثها خارج أرض إسرائيل، والقصة نفسها إسرائيلية في وصفها، إنها لا تحتوي حتى ولا شيء ضئيل من المادة الأجنبية. وبخلاف قصص الخلق والطوفان لم يكن بها أية تقاليد غير محلية كخلفية لها، لتكون أساس الوصف التوراتي، بل على العكس، فإننا نجد هنا الروح الإسرائيلية في معارضة كاملة لموقف وطموح الشعوب الوثنية المتكبرة، الذين سادوا على العالم. هكذا فإن الإدراك الإسرائيلي للعلاقة بين الإنسان والله قد نُقلت بواسطة اسم الله الإسرائيلي. (Cassuto, DH, 32)
في الأصحاح 12 من سفر التكوين، تبدأ قصة إبراهيم. ويبدو أنه من المناسب أن الاسم الإسرائيلي لله يجب أن يُستخدم.
ولقد طبَّق ارشر هذا على الأصحاحات الأولى من سفر التكوين. إن الدراسة بعناية لاستخدام يهوه وإلوهيم في سفر التكوين سوف تكشف الغرض الذي كان في ذهن الكاتب. إلوهيم (الذي ربما يشتق من أصل كلمة معناها («جبار»، «قوي»، «الأول») تشير إلى الله كالخالق العظيم وسيد الكون، هكذا يكون إلوهيم مناسباً لتكوين 1، لأن الله يكون في دور الخالق العظيم. بينما يهوه يكون اسم الله عندما يكون مرتبطاً بالعهد. هكذا في تكوين 2، يُستخدم اسم يهوه على نطاق واسع لأن الله يتعامل مع آدم وحواء في علاقة عهد. في تكوين 3، عندما ظهر الشيطان يتغير اسم الله مرة أخرى إلى إلوهيم لأن الله لا يرتبط بالشيطان بعلاقة عهد. هكذا، فإن كلاً من الشيطان وحواء يُشيران لله على أنه إلوهيم. ويتغير الاسم مرة أخرى إلى يهوه عندما ينادي على آدم (3: 9) ويؤنِّب حواء (3: 13)، وعهد الله هو الذي وضع اللعنة على الحية (3: 14). (Archer, SOTI, 112)
ويؤكد چون رافين بنفس الطريقة:
يتجاهل هذا الجدال الدراسة لأصل أسماء الله ويرى أنها تستخدم بطريقة قابلة للتبادل (أي استخدام اسم بدلاً من الآخر). ولم يقل النقَّاد إن التقليد اليهوي J كان يجهل اسم إلوهيم أو التقليد الألوهيمي E والكهنوتيP يجهلان اسم يهوه، ولكن كلاً منهم كان يُفضِّل اسماً من هذه الأسماء. ولكن إذا كان هذا هو الأمر، فإن السؤال يبقى، لماذا فضل J اسم يهوه و E و P اسم إلوهيم؟. على أي حال إذا كانت أسفار موسى الخمسة من عمل مؤلف واحد، فإن استخدام هذه الأسماء تكون واضحة بطريقة كافية. (Raven, OTI, 118- 19)
وحتى كيونين، وهو واحد من مؤسسي الفرضية الوثائقية القديمة، يعترف بالشك في هذا المقياس: ««إن الفرق الأساسي بين يهوه وإلوهيم دائماً يعلل استخدام واحدة من هذه التسميات بالتفضيل على التسمية الأخرى».(Kuenen, HCIOCH, 61)
عموماً، فإن يهوه يُستخدم عندما يكون الله هو الإله الخاص بإسرائيل ويُشار إليه على أنه فوق الآلهة الغريبة، وعند التحدث عن تاريخ الآباء، بينما من الناحية الأخرى فإن إلوهيم يعطي صورة كونية مجردة لله. (North, PC, 66- 67)
ويُعلن كاسيتو بجرأة أنه لا يوجد أي سبب للشعور بالدهشة للاستخدامات المختلفة لهذه الأسماء في التوراة. بل بالعكس فإننا يجب أن نندهش إذا لم تتغير هذه الأسماء بحسب المواقف. إن كل كاتب عبراني كان مُجبراً أن يكتب هكذا وأن يستخدم اسمي الله السابقين بهذه الطريقة، بحسب دلالتهما. (Cassuto, DH, 41)
ويعطي علم الآثار إجابة لاستخدام الاسم المركَّب يهوه إلوهيم أن واحدة من الافتراضات الرئيسية لرأي فرضية تعدد المصادر هو أن استخدام يهوه إلوهيم يكون بحسب J وإلوهيم يكون بحسب مستند E. إن اتحاد هذين الافتراضين هما السبب في استخدام يهوه إلوهيم لكننا نلاحظ أن استخدام الأسماء المركبة للألهة يعد أمراً شائعاً: فمثلاً أمون -رع الإله المصري هو مثال لهذا. فأمون كان إله مدينة طيبة حيث السلطة السياسية، بينما رع كان إله الشمس في كل مصر. إن هذا يلقي ضوءاً على اتخاذ يهوه إلوهيم. يهوه يشير إلى الصفات الواضحة لله، بينما إلوهيم يكون اللقب العام لله. وربما يشير هذا إلى الاندماج يهوه إلوهيم أن يهوه يكون مساوياً لإلوهيم (Gordon, HCFF 132-33)
ويلاحظ كاسيتو: «في الأدب العبري فإن المفهوم عن إله إسرائيل المحدد أنه هو إله الأرض كلها. إن يهوه الذي يعترف به بنو إسرائيل ويسجدون له، لم يكن إله آخر غير إلوهيم الذي يسود عليهم كلهم. (Cassuto, DH, 25)
2(ب) تفسير خروج 6: 3
1(ج) الافتراض الوثائقي
يقول النقَّاد إن هذه الآية تعني أن اسم يهوه لم يكن معروفاً في إسرائيل حتى كشف عنه الله لموسى في سيناء. لهذا السبب فإن كل الفقرات في سفري التكوين والخروج قبل هذا الاسم حيث استخدم يهوه لابد أن تكون قد كُتبت بيد شخص آخر غير الشخص الذي كتب هذه الآية، وإلا (إذا كان هناك كاتب واحد فقط) فإنه قد وقع في هذا التناقض الواضح: إن الآباء قد استخدموا اسم يهوه في كل سفر التكوين ولكنهم يُصرِّحون بأن الاسم لم يكن معروفاً حتى كُشف لموسى.
ولقد أُعلن وجهة النظر هذه بواسطة باحث بريطاني اسمه رولي: يقول سفر الخروج 6: 2 وما يليها: «أنا الرب (يهوه)، وأنا ظهرت لإبراهيم وإسحق ويعقوب بأني الإله القادر على كل شيء (إيل شداي). وأما باسمي يهوه فلم أُعرف عندهم». إلا أنه هناك آيات كثيرة في سفر التكوين التي تُعلن أن الله كان معروفاً للآباء باسم الرب (يهوه). وهذا الاسم كان معروفاً لأبرام (تك 15: 2 و 8)، ولسارة (16: 2) وللابان (24: 31)، واستُخدم بواسطة الملائكة الذين زاروا إبراهيم (18: 14 وزاروا لوط (19: 13)، والله أعلن نفسه لأبرام عندما قال له: «أنا يهوه» 14: 17 وليعقوب (28: 13). (Rowley, GOT, 20- 21)
2(ج) الإجابة الأساسية
التفسير الصحيح لخروج 6: 3: هذه الآية لا تعني أن اسم يهوه لم يكن معروفاً للإسرائيليين قبل زمن موسى، ولكن بالحري فإنهم لم تكن لهم علاقة بالله لدرجة أن الاسم يهوه كان يُلمِّح إليه.
قال مارتن بمعنى آخر: هم عرفوا الله باسمه «يهوه» ولكن ليس بالسمات الشخصية الخاصة بيهوه: «ربما يكون من الممكن بالطبع أنهم أنكروا المعنى المتضمن الذي يجذب الانتباه للإدراك الكامل بالكلمة العبرية «للاسم». إن مجال معنى هذه الكلمة يغطي ليس فقط «الاسم»، ولكنه أيضاً يُشير إلى الصفات المميزة للشيء الذي أُعطي له هذا الاسم. ربما يرمز للسمعة، الشخصية، الكرامة، والشهرة. (Martin, SCAP, 17- 18)
هيرتز الرئيس السابق للحاخامات في لندن يكتب في تعليقه على أسفار موسى الخمسة:
(خروج 6: 3) هي النقطة المحورية في علم النقد. وبحسب النقَّاد، فإن الله هنا يكشف لأول مرة اسمه يهوه لموسى. وهكذا فإن كل الأصحاحات في التكوين والخروج حيث يظهر اسم يهوه تكون من مصدر آخر. وهذا يُستخدم كدليل حاسم لكثير من الفرضيات الوثائقية الكثيرة عن أسفار موسى الخمسة، وقد أُعلن هذا بواسطة النقاد الراديكاليين كمفتاح لفرضية «تعددية المصادر».
إن شرح النقَّاد الشائع لهذه الآية يُبنى على سوء الفهم الكامل للغة العبرية. عندما يقرر الكتاب المقدس أن إسرائيل، أو الأمم، أو فرعون، «سوف يعرفون أن الله هو السيد» -فإن هذا لا يعني أنهم سوف يُخبرون أن اسمه هو يهوه (السيد). وهكذا فإن إرميا 16: 21: «لذلك هأنذا أُعرِّفهم هذه المرة، أُعرِّفهم يدي وجبروتي، فيعرفون أن اسمي يهوه». (إن اليهود الأرثوذكس لا ينطقون اسم يهوه خشية كسر الوصية الثالثة، وهكذا فإنهم يستخدمون كلمة أدوناي التي تعني «السيد»). في حزقيال فإن الجملة «إنهم سوف يعرفون أني أنا السيد» تتكرر أكثر من 60 مرة. (Hertz, PH, 104)
يقرر رافين:
إن كلمة «ليعرف» في العهد القديم عادة ما تتضمن فكرة فهم وإدراك، وتعبير «ليعرفوا اسم يهوه»، استُخدم عدة مرات بهذا المعنى وهو فهم وإدراك الصفة الإلهية المميزة (1مل 8: 43، مز 9: 11، حز 39: 6 و 7). كل هذا يُبين معنى أن إبراهيم وإسحق ويعقوب عرفوا الله كإله القوي ولكن ليس كإله العهد». (Raven, OTI, 121)
ويجادل أرشر بطريقة مشابهة أن النقَّاد الراديكاليين يرفضون طريقة الحكم على عقيدة مسيحية على نصّ معيَّن ولكنهم حكموا على واحدة من العقائد الأساسية بواسطة هذه الطريقة. هذه الطريقة تبحث عن التفسير الحرفي لآيتين بدون وضع أي نصّ أو تشابه جزئي لأي تعليم كتابي. هذا الاقتراح وُجد في خروج 6: 2 و 3 («أنا الرب «يهوه»، وأنا ظهرت لإبراهيم وإسحق ويعقوب بأني الإله القادر على كل شيء (إيل شداي). وأما باسم يهوه فلم أُعرف عندهم»). إن الوثائقيين يعتبرون أن هذه هي أول مرة كُشف فيها عن اسم يهوه لموسى في وثيقة E. ومع ذلك فإن الوثيقة J لا تعرف شيئاً عن هذا واعتبرت يهوه اسماً مناسباً لعصر ما قبل موسى. إن كل الضربات العشرة لم تكن بالتأكيد لكي يعرف المصريون أن إله الإسرائيليين هو يهوه (خر 14: 4 «ويعرف المصريون أني أنا الرب (يهوه)). ولكن القصد من الضربات هو أن يشاهد المصريون أمانة الله لعهده نحو شعبه، وهكذا يعرفوه بالاختبار كيهوه إله العهد. (انظر خر 6: 6«لذلك قل لبني إسرائيل أنا الرب. وأنا أُخرجكم من تحت أثقال المصريين وأُنقذكم من عبوديتهم»). (Archer, SOTI, 122)
ولقد أبدى مانلي هذه الملاحظة: «حيث يُذكر اسم الله لأول مرة، فإن الفعل المستخدم هو Naghadh كما في تكوين 32: 29. هنا في خروج 6: 3 يكون الفعل yadra، وهو نفس الاسم الموجود في 1صم 2: 12، 3: 7 . حيث أن الأشخاص المذكورين كانوا يألفون اسم يهوه» (Manley, BL, 47)
ويستخدم النقَّاد هذه الآية كأساس لفصلهم الوثيقة J، التي تُستخدم اسم يهوه عن الوثيقة E التي تُستخدم إلوهيم ولكن هذه الآية لا تميز إلوهيم من يهوه، ولكن تميز إيل شداي من يهوه، كما يقول ميريل أنجر:
إن هذا الرأي بخصوص معنى خروج 6: 2 و 3 لا مبرر له تماماً، وليس له أساس خارج مقتضيات الافتراض الخاص بالنقَّاد: أولاً بسبب الاختلافات الواضحة المشار إليها في النصّ نفسه: «ثم كلَّم الله موسى وقال له أنا الرب. وأنا ظهرت لإبراهيم، وإسحق ويعقوب بأني الإله القادر على كل شيء (إيل شداي)، وأما باسم يهوه فلم أُعرف عندهم». خر 6: 2 و 3. والشيء الهام الذي له معنى ومغزى أن هذه الإشارة لا تميز يهوه من إلوهيم (الذي تكرر أكثر من 200 مرة في سفر التكوين) ولكن تميزه عن إيل شداي (الذي تكرر 5 مرات في سفر التكوين)، الاسم الذي يُعلن الشخصية التي كشفها الله عن نفسه للآباء (تكوين 17: 1، 28: 3، 35: 11، 43: 14، 48:3). (Unger, IGOT, 251)
قضية أخرى هامة ولكنها دائماً ما يُغفل عنها بخصوص خروج 6: 2 و3، هي أن ما أُشير إليه باللغة العبرانية بـ Beth Essential أن النسخة التي أُعيد تنقيحها تقول هذه الآية كالتالي: «وأنا ظهرت... بأني إيل شداي (as Elshaddai) الإله القادر على كل شيء، وأما باسمي (by my name) يهوه». من الناحية اللغوية هناك حاجة لاستخدام حروف الجر «by» أو «as» في اللغة الإنجليزية. ويقدم موتير معالجة ممتازة لمعنى الـ Beth Essential:
في هذه الآية (خروج 6: 3) فإن الـ Beth Essential تُرجمت على نحو ملائم «as» فعندما كشف الله نفسه «as» أنه إيل شداي، لم يكن ذلك لأجل إعطاء الآباء لقب يستطيعون أن يخاطبوه به، ولكن ليُعطيهم بصيرة لشخصيته كما ينقله هذا اللقب. وبالمثل فإنه في خروج 3: 2 «ظهر... ملاك الرب بلهيب نار (as a flame of fire)». إن لهيب النار هو الوصف المناسب لله نفسه، لكي يُعلن لموسى عن طبيعته الإلهية في هذا الوقت المعين بخصوص مستقبله. وعندما ننقل هذه القوة للكلمات «اسمي يهوه» فإننا نصل إلى استنتاج يتمشى مع الترجمة التي نبحث لها عن تبرير: «لقد أظهرت نفسي... في شخصية إيل شداي، ولكن في الشخصية التي يُعبِّر عنها اسمي يهوه، فإنني لم أجعل نفسي معروفاً بهذا الاسم. (Motyer, RDN, 14)
ويستمر موتير:
إن دقة الترجمة المُقترحة تتأسس على مناسبتها للنص. لقد سمى الآباء الله يهوه، ولكنهم عرفوه كإيل شداي، وسوف تنادي ذريتهم الله بكلا الاسمين ولكنهم يعرفوه باسمه يهوه. وهذا هو بالتأكيد العبء الموجود في خروج 6 وما يليه، حيث تلقَّى موسى الرسالة التي عليه أن ينقلها لبني إسرائيل. إن الرسالة تُفتح وتُغلق بالسلطان الإلهي، فالله فتحها بـ «أنا الرب» (يهوه)، وبعد ذلك أعلن عن طبيعة يهوه «بأني القادر على كل شيء- إيل شداي)، ليُعرِّفهم عما سيفعله معهم. (Motyer, RDN, 14)
إن التفسير الذي أُعطي لهذه الآية بواسطة علماء الوثائق يتركنا وأمامنا سؤال صعب: لماذا لم يوفِّق الذين قاموا بتحرير وتنقيح أسفار موسى الخمسة بين التناقضات الواضحة بين استخدام اسم يهوه بواسطة الآباء في سفر التكوين والآية الموجودة في خروج 6: 3، وأن هذا الاسم هو أول اسم لله كُشف لموسى في سيناء؟
يقول انجر إنه بجانب المشكلات في كلا من النصّ والمعنى الحقيقي للكلمات، فإن موقف النقَّاد الراديكاليين بخصوص خروج 6: 2 و3 أُضعف فيما بعد بواسطة المعنى العام الذي تضمنته آراؤهم. إن الشخص الذي قام بتحرير أسفار موسى من الواضح أنه لم يفهم هذه الفقرة، لأنه لم ير أي تناقض في الاستخدام المتكرر لاسم يهوه في كل سفر التكوين. فلو أنه رأى هذا التناقض، لكان بالتأكيد إما أنه سوف غيَّر الآية أو يشطب اسم يهوه من المواضع التي تكرر فيها في وقت مبكر. (Unger, IGOT, 252)
وأبدى رافين ملاحظة قائلاً: «إن الذين قاموا بتحرير أسفار موسى الخمسة، إذا كان هناك أناس حرروها، لم يستطيعوا أن يأخذوا الآية الموجودة في خروج 6: 3 بعين الاعتبار ويعتبروها متضاربة مع الاستخدام المتكرر لاسم يهوه بواسطة الآباء. وإلا لكان قد غيَّر الآية الموجودة في سفر الخروج أو اسم يهوه في سفر التكوين. إن الأجيال الكثيرة من اليهود والمسيحيين الذين كانوا يجهلون المؤلف الذي كتب سفر التكوين أيضاً لم يروا شيئاً صعباً في خروج 6: 3. (Raven, OTI, 121)
ومن الممكن أيضاً أن تكون هذه الفقرة قد تُرجمت ترجمة غير صحيحة إلى اللغة الإنجليزية.
يشرح مارتن: مهما يكن من أمر، فهناك ترجمة تلغي كل التضارب والتعارض مع النصّ. فالجملة، «وأما باسمي يهوه فلم أُعرف عندهم»، يمكن أن نعتبرها في اللغة العبرية صيغة استفهامية موجزة. حينئذ تكون ترجمة الآية كلها كالتالي: «لقد تحمَّلت أن أظهر لإبراهيم وإسحق ويعقوب كإيل شداي، لأني لم أسمح لنفسي أن أُعرف لهم باسمي يهوه؟». اللغة العبرية بها أدوات استفهام ولكن في العديد من المناسبات فإنها تُحذف: وهناك مثال جيد لهذا في تكوين 18: 12 أنه من الممكن في لغة المخاطبة، فإن ارتفاع وانخفاض طبقة الصوت في الكلام يكفي أن يدل على الاستفهام، كما هو الحال حتى الآن في اللغات السامية الحية. مثال ذلك الآية الموجودة في أيوب 23: 17 «لأني ألم أُقطع قبل الظلام؟» وهي حالة متماثلة مع الآية التي نناقشها.
لا يمكن أن يكون هناك اعتراض على هذه الترجمة للآية الموجودة في خروج 6: 3 على ضوء استخدام اللغات السامية. فهناك على أي حال دليل قوي مستعد للمساعدة من التركيبة اللغوية لهذه الآية. فهذه الآية تبدأ بـ «وأيضاً». وتتطلب اللغة العبرية أنه حيث توجد «وأيضاً» وتكون مسبوقة بنفي فهي أيضاً يأتي معها جملة منفية. وهذا يجعل من الصعب جداً تجنب استنتاج الخاتمة التي تتعامل مع سلسلة من الجمل التي لا تقبل الجدل. (Martin, SCAP, 18- 19)
أخيراً يجب أن نلحظ أن الاسم الإلهي لا يمكن أن يُستعمل مع أي أمر هام بعد خروج 6: 3 منذ هذه النقطة فصاعداً حسب قول النقَّاد، فإن E و P مثل J يكونا أحراراً في استخدام يهوه وحتى ايزفلدت يعترف بهذا: «من المسلم به أن الاختلاف في استخدام الأسماء الإلهية ربما يُستخدم فقط في تحليل سفر التكوين وبداية سفر الخروج. لأن المصدرين اللذين نسميهما الآن E و P يتجنبان اسم يهوه في البداية واستخدماه فقط من اللحظة التي عرَّف فيها الله موسى باسمه يهوه - E في سفر الخروج 3: 15 و P في سفر الخروج 6: 6 وما يليها». (Eissfeldt, OTI, 183)
إلا أن كثيراً من النقَّاد قد حاولوا أن يُبينوا الكتابة المركبة للأجزاء الباقية في أسفار موسى الخمسة على أساس الأسماء الإلهية. ويجب أن يكون واضحاً أن كل هذه المحاولات ليس لها أساس منطقي ولهذا السبب تكون باطلة.
3(ب) استخدام مشابه للأسماء الإلهية في القرآن
يزودنا القرآن بمثيل مفيد لتصنيف غير منتظم للأسماء الإلهية في أسفار موسى الخمسة. لا يشك أحد في أصل الكتاب أو مؤلفه الحقيقي الوحيد. ومع ذلك فإنها تُبرز نفس الظاهرة التي تبرزها الكتب المقدسة العبرية. إن اسم الله Allahu يتماثل مع إلوهيم، وكلمة رب Rabbu (السيد) تتطابق مع Adonay (السيد الرب) التي استخدمها اليهود فيما بعد للإشارة إلى يهوه. في بعض السور (القرآنية) فإن الأسماء تتمازج أو تختلط. فمثلاً> الاسم رب Rabbu لم يُذكر أبداً في السور الآتية: 4، 9، 24، 33، 48، 49، 57، 59، 61، 62، 63، 64، 86، 88، 95، 101، 102، 103، 104، 107، 109، 111، 112، بينما اسم الله Allahu لم يستخدم أبداً في هذه السور: 15، 32، 54، 55، 56 ، 68، 75، 78، 83، 87، 89، 92، 93، 94، 99، 100، 105، 106، 108، 113، 114.
وهذا يكون دليلاً حاسماً ومقنعاً أن أدب اللغات السامية القديم كان قادراً أن يستخدم اسمين من أسماء الله مع مؤلف واحد. (Archer, SOTI, 111)
4 (ب) صعوبات أمام علماء الوثائق فيما يتعلق بالأسماء الإلهية
1 (ج) التضارب أو التناقض
بحسب علماء الوثائق، فإن الاسم الإلهي يهوه يشير إلى المصدر اليهودي J، وإلوهيم يشير إلى المصدر الإلوهيمي E، واستخدم المصدر الكهنوتي P إلوهيم حتى خروج 6: 3، ولكن من ذلك الحين فصاعداً استخدم يهوه أيضاً.
إن عينات الآيات التالية تحتوي على أسماء إلهية لا تتوافق مع المصدر الصحيح الذي منه أتت هذه الآية:
أ. إلوهيم أتى في هذه الآيات من المصدر J:
(1) تكوين 31: 50
(2) تكوين 33: 5 و11
ب. يهوه أتى في هذه الآيات من مصدر P قبل خروج 6: 3:
(1) تكوين 17: 1
(2) تكوين 21: 1
جـ. يهوه أتى في هذه الآيات من المصدر E:
(1) تكوين 21: 33
(2) تكوين 22: 4 و11
(3) تكوين 28: 21
(4) خروج 18: 1 و8 و9 و10 و11
2 (ج) اتهام للمنقحين
إن إجابة النقَّاد على هذه التناقضات الواضحة هو أن الذين نقحوا وحرروا هذه الأسفار إما أنهم أخطأوا في نسخ الاسم الخطأ أو كانت لديهم الحرية لتغيير الأسماء هنا وهناك. إن التفسير الثاني يروق أكثر من الأول.
يقول
هـ. رولي:
لهذا السبب فإننا لا نحتاج أن نندهش أن مؤلف أسفار موسى الخمسة لابد أنه أخذ مادة الكتابة من مصادر قديمة، أو أنه أخذ المادة من أكثر من مصدر وجعلها قصة متصلة، أو أنه شعر أنه حُر أن يعمل بعض التغييرات من الذي أخذه، أو أنه ألَّف الربط في هذه القصص. وهذا التغيير والربط دائماً يُنسب لمنقح أسفار موسى الخمسة، وسوف لا نندهش إذا كان المؤلف أو الذي أعدَّ هذه الأسفار قد ترك بعض آثار عمله الشخصي. (Rowley, EOT, 25)
ويُعلِّق ازوالد أليس على مثل هذا الافتراض:
أخيراً، من الملاحظ أن الذي ينظر إلى العيب الرئيسي للتحليل النقدي، فإن هذا العيب يبدو واضحاً فيما يتعلق باستخدام الأسماء الإلهية. إنه لا يمكن أن يُنجز بدون اتهام الذين نقحوا وحرروا أسفار موسى. وهذا يعني أنه حتى المجادلة وتقسيم النصّ سوف لا يُعطى التحليل المطلوب بواسطة النقَّاد، إنهم سوف يتذرعون أن الذي نقح أسفار موسى قد غيَّر المصادر أو أشرف على تحريرها. إذا كان يهوه هو الاسم المميز لـ J، فإن إضافة إلوهيم للقب الله ليصبح يهوه إلوهيم في تكوين 2: 4ب- 3: 24 تنسب لواحد من الذين نقحوا سفر التكوين. (Allis, FBM. 38- 39)
ويلفت رافين النظر إلى الاستنتاج الذي ينطوي على مغالطة لاتهام النقَّاد لمنقحي أسفار موسى:
إنهم بعض الأحيان يضعون الصعوبات جانباً بتأكيد أن المنقح قد غيَّر الاسم لدرجة أن النصّ يصبح مُحرَّفاً. ولا واحد من هذين الافتراضين له أي أساس خارج هذا الافتراض. يُقال إن الافتراض مشتق من الواقعة أو الحادثة التي يمكن ملاحظتها في النصّ كما هو، ولكن إذا كانت هذه الوقائع أو الحوادث لا تلائم الافتراض، فإنها تُرفض كشيء لا قيمة له. ربما تسأل سؤالاً غير مقبول: إذا كان النص مُحرَّفاً فكيف نثق في الافتراض الذي اشتُق منه؟ إن الوجود الفعلي للمنقح والعديد من المنقحين والمحررين هو افتراض لا أساس له، ومن الضروري أنه نتج عن الصعوبات المسببة للخلاف والشقاق لهذا الافتراض. (Raven, OTI, 120)
3(ج) مدى تقسيم المصدر
حتى الآيات المفردة تُقسَّم إلى «مصادر» مثال ذلك، تكوين 21: 1 و2:
(1) «وافتقد الرب (يهوه) سارة كما قال. وفعل الرب (يهوه) لسارة كما تكلم».
(2) «فحبلت سارة وولدت لإبراهيم ابناً في شيخوخته. في الوقت الذي تكلم الله (إلوهيم) عنه».
الآن، بحسب النقَّاد، «حينئذ افتقد الرب (يهوه) سارة كما قال» تُنسب لـ J، «وفعل الرب (يهوه) لسارة كما تكلم «تُنسب لـ P (بالرغم من أن علماء الوثائق يُصرّون أن P لم تستخدم «يهوه» قبل خروج 6: 3، «فحبلت سارة وولدت لإبراهيم ابناً في شيخوخته» تُنسب لـ J ، و «في الوقت الذي تكلم الله (إلوهيم) عنه» تُنسب لـ P.
من خلال هذه المناقشة نُشير إلى القوائم الموجودة في "The Interperterصs One. Volume Commentary on the Bibleس (IOVCB, 2, 34, 85) التي فيها تُنسب كل الفقرات الموجودة في تكوين، وخروج، وعدد لمصادرها الخاصة.
تقريباً مائة آية في سفر التكوين، والخروج والعدد الآتي ذكرهم قُسِّمت أيضاً إلى مصدرين على الأقل بواسطة علماء الوثائق بروفيسور دورنسيف من ألمانيا، وهو دارس لفقه اللغة التاريخي والمقارن أثناء أعوام 1930 وما يليها، لفت الانتباه للأمور المتماثلة والمتطابقة بين الأدب اليوناني وأدب العهد القديم. إن تعليقاته على عدم احتمال صحة الاستنتاجات السالفة (Zeitschrift furdie Alttestamentliche Wissenschaft 194 pp. 57- 75) استشهد بها ألدرس قائلاً: «من الذي يستطيع أن يُصوِّر سفر التكوين على أنه عمل أدبي من الطراز الأول مثل أعمال هوميروس، أو يُصوِّر أسفار موسى الخمسة بواسطة المحررين والمنقحين، وقد قسَّموا المصادر إلى أجزاء صغيرة، ودمجوا هذه الجمل المتصلة إلي مجموعة جديدة متكاملة، وباتبَّاع هذه الطريقة فإنهم قابلوا نجاحاً أدبياً عظيماً؟». (Aalders ASIP, 28)
5 (ب) تنوع في الأسماء الإلهية في الترجمة السبعينية
هناك اختلاف أكثر في استخدام الأسماء الإلهية في الترجمة السبعينية عن الموجودة في النص المازوري (MT). عادة ما كان الكتابيون يستخدمون الـ MT كأساس لمصدر تقسيماتهم معتقدين أنها يُعوِّل عليها أكثر من الترجمة السبعينية، إذ أن الذين قاموا بالترجمة تجاهلوا تماماً استخدام الاسم الإلهي في الترجمة السبعينية.
ويشير أرشر أن استخدام الأسماء الإلهية كوسيلة لفصل الوثائق قد رُفضت من الأول من قبل بعض العلماء الذين أصروا على أن النصَّ العبري لم يُنقل بدقة خلال القرون. (Johannes Dahse Dahse, TBAP, n.p.)
كان أول من عرض على بساط البحث بأبحاث دراسية عن العلاقة بين النص المازوري (MT) والترجمة السبعينية عندما بيَّن أن الترجمة السبعينية كان بها ما لا يقلّ عن 180 شاهداً عن الأسماء غير المتطابقة (مثال ذلك (الله)، theos بدلاً من يهوه أو Kyrious (الرب) بدلاً إلوهيم). وهذا يعطينا وقفة قصيرة للرأي القائل إن النص المازوري معروف بدرجة كافية بكل أشكاله المختلفة لدرجة أننا ربما نختار أتوماتيكياً قراءة النص المازوري في كل حالة ولا نختار الترجمة السبعينية. كثير من هذه القرارات تمت قبل أن تكتشف برديات البحر الميت، لذلك تحتاج إلى أن يُعاد تقييمها.
في عام 1914 رد سكينر على داهسي في كتاب اسمه «الأسماء الإلهية في التكوين» فيه بيَّن أن اتفاق الأسماء الإلهية في النص المازوري مع النصَّ السامري (قبل الترجمة السبعينية) تمتد إلى أكثر من ثلثمائة حالة، بينما يكون هناك ثمانية أو تسع فروق فقط. ولقد اعتبر النقَّاد أن رد سكينر يُعتبر «رداً ماحقاً» (Arlight, OTAP, 79) على داهي، وكان رداً نهائياً في موضوع الأسماء الإلهية والترجمة السبعينية. ولكن كنتيجة لاكتشافات برديات البحر الميت، فإن الدارسين الآن لديهم ثقة تامة أن هناك على الأقل ثلاث فصائل منفصلة قبل زمن النص المازوري.
لهذا فإن الاتفاق الكامل للنص المازوري مع النصوص السامرية من المحتمل أن لا تعني شيئاً أكثر من أنها أتت من نفس التعاليم الموجودة في مخطوطات البحر الميت. إنها لا تبرهن أن النص المازوري (MT) هو أقرب للنص الأصلي من الترجمة السبعينية.
في عام 1908، فإن إردمانس وهو خليفة كيونين في جامعة ليدن اعترف أيضاً أن هذا الجدال المبني على المعلومات المأخوذة من الترجمة السبعينية كانت حججه قوية، وأكد أنه من المستحيل استخدام الأسماء الإلهية كدليل على الوثائق المنفصلة. (Archer, SOTI, 84- 85)
ولقد اعترف فلهوزن نفسه (في خطاب خاص لـداهس نُشر في عام 1912) أن الحجة المستخدمة ضد استخدام الأسماء الإلهية كفيصل على ضوء أن الاختلافات في الاستخدام في الترجمة السبعينية «قد مسَّت نقطة الضعف في هذه النظرية». (Aalders, ASIP, 21)
يتحدث هاريسون عن كيف أن برديات البحر الميت قد أعطت قوة للرأي القائل إنه من الممكن أن هناك اختلافات بخصوص الأسماء الإلهية في النص الأصلي أكثر مما تسمح به النص المازوري:
هناك على الأقل ثلاث فصائل غير مشكوك فيها عن المخطوطات العبرية الموجودة في فترة ما قبل النص الماذوري قد أثبتت صحتها بطريقة مقنعة نتيجة لاكتشاف المخطوطات في وادي قمران، وعلى الأخص من الأجزاء التي أُعيدت إلى وضعها الأصلي من 4Q، بتلك الوسيلة عززت الرأي أن هناك كمّ أكثر لا بأس به في النصّ القـديم لمخطوطات أسفار موسى الخمسة عن الوضع مع الـ MT نفسها. وبما أن الأخيرة كانت تُستخدم على نحو تقليدي كأساس التحليل الوثائقي نظراً للحقيقة القائلة إنها كانت تُعتبر النصّ «الثابت». من المشوِّق أن نتأمل فيما يمكن أن يحدث لنظرية فلهوزن - جراف بأسرها لو أن نصّاً واحداً أو أكثر من فترة ماقبل النص المازوري كان مُتاحاً للاستخدام لنقَّاد الأدب في القرن التاسع عشر. إن الإجابة على هذا قد أُعطيت إلى حد كبير بواسطة ألبرايت، الذي كما ذُكر سالفاً قد صرَّح أن المخطوطات المؤلفة من أجزاء صغيرة أُعيدت إلى وضعها الأصلي من 4Q قد أضعفت على نحو خطير من ِقَبل أساسات النقد الأدبي المسهب. (Harrison, IOT, 518)
يتحدث هاريسون عن بعض الدلائل المتعلقة بالنصّ في
وادي قمران «التي تبيِّن أنها كانت من الممكن أن تكون متفوقة
عن الترجمة السبعينية بأنه كان عندها العديد من أجزاء المخطوطة
الخاصة بأسفار موسى الخمسة، التي لم تكن طبيعتها ومحتوياتها
متطابقة من كل النواحي على الإطلاق مع طبيعة ومحتويات التعاليم
والمعتقدات مع التقاليد الخاصة بالنسخة المازورية . (Harrison,
IOT, 518)
|